الدكتور ابراهيم حجازين
بعد ٧ تشرين الأول المجيد جاء بلينكن ورئيسه ليشدوا ازر الكيان المنهار ولتلتقط إدارته انفاسها محملين بأسلحة وحاملات
الطائرات واصدروا الأمر ببدء الحرب على غزة والضفة الفلسطينية، فشل العدوان في تحقيق الأهداف المرسومة نتيجة صلابة
المقاومة الفلسطينية وتضحيات شعب غزة وصموده وجرت تحولات في الرأي العام العالمي وفي أمريكا خصوصا نتيجة وحشية
المعتدي وصلافة الأمريكي،
كان لا بد أن تقدم إدارة بايدن تحت ضغوط الفشل والرأي العام على طرح هدنة أملت من خلالها احتواء ردود الفعل العالمية وإعطاء الفرصة لقوات الاحتلال لإعادة تنظيم نفسها استعدادا لجولة عدوانية جديدة تحقق فيها ما فشلت فيه.
اقرأ أيضا:
عودوا انتم من حيث اتيتم واتركوا فلسطين بأمان
قدم في موعد صدور قرار تقسيم فلسطين ٢٩/ ١١ بلينكن وقاد جلسة لمجلس الحرب الصهيوني وأصدر الأمر ببدء الجولة الثانية
من العدوان كما فعل عند الجولة الأولى، أمريكا مصرة ان يستمر الكيان المصطنع بوظائفه للسير في مخططها العالمي للهيمنة، فما
هو دور الكيان في ذلك؟
الجولة الثانية من العدوان الأمريكي – قرار 181 لتقسيم فلسطين
يعتبر قرار 181 لتقسيم فلسطين في 29/11/1947 سابقة خطيرة لعدوان مستمر؛ وحلقة متكررة في توسع تنفيذ المشروع
الصهيوني على صعيد البلاد العربية، أن الصراع العربي الصهيوني في فلسطين جزء من القضية العربية الواحدة.
تطبيق المشروع الاستعماري الغربي والصهيوني مر بمراحل عدة؛ ومن أهمها محطة البداية عندما نسج المشروع في الأوساط
الدينية المتطرفة والسياسية البريطانية في القرن السادس عشر، والثانية محطة اتفاقية مؤتمر لندن 1840، حيث تم حصر حكم
محمد علي في مصر وعزله عن بلاد الشام، تبعها المؤتمر الصهيوني الأول الذي توج دمج مجموعات اليهود نهائيا في المشروع
وتحولها إلى أداة ناشطة لتنفيذه،
وتسارعت الحلقات استعدادا للتطبيق العملي للمشروع الاستعماري الذي يستهدف كل المنطقة العربية بدأ من فلسطين ولتحويله إلى
مشروع غربي تتبناه الدول الاستعمارية الغربية، فكان مؤتمر لندن من عام 1905 _ 1907 حيث جرى توضيح اسبابه والأهداف
الإستراتيجية للمشروع الصهيوني التي صيغت في المؤتمر واعلنها كامبل بارنرمان رئيس الوزراء البريطاني وتبنتها كافة الطبقات
الحاكمة في الدول الغربية الاستعمارية ولا تزال، ثم جاءت اتفاقية سايكس _ بيكو للتمهيد له وتصريح بلفور لاعطائه مشروعية
وسان ريمو والانتداب لتنفيذه،
حلقات في نفس المحطة للبدء العملي في بناء كيان غريب في البلاد العربية، ودوره تمثل حينها في تكريس تفتيت المنطقة وبقائها
متخلفة وتابعة للمستعمر. بعد نجاح بريطانيا في بناء أسس الكيان كان لا بد من إضفاء شرعية دولية عليه. فكان قرار التقسيم
الصادر عن الامم المتحدة، وافقت عليه الحركة الصهيونية كخطوة نحو استكمال السيطرة على فلسطين، مشروع نامي توسعي في
مخطط طويل الامد ومتطور ومتغير تحكمه في ذلك الاوضاع العالمية والإقليمية، وكانت الحرب التي شنتها العصابات والمليشيات
الصهيونية التي اقامتها وسمحت بها بريطانيا ضد الشعب في فلسطين والمناطق العربية المجاورة كأساس لاستمرار عدوانها عليها
لاحقا، وأعلن قيام الكيان الغريب في جزء من الأرض العربية لمنع وحدتها وتقدمها.
أصبح الكيان دولة معترف بها وبعلاقات دولية لم تقاومها الكيانات من نتائج مرحلة سايكس – بيكو، وفي عام 1967 استكمل العدو
احتلال بقية فلسطين واجزاء من دول مجاورة.
حزب العمل الاستيطاني الصهيوني
قاد حزب العمل الاستيطاني الصهيوني مرحلة التأسيس حتى عام 1977 وانتقل الحكم إلى حركة حيروت بزعامة مناحيم بيغن
المتطرف المكشوف تعبيرا عن انتقال نوعي في تنفيذ المشروع الصهيوني وتوسعه، فعقدت اتفاقيات كامب ديفيد بين حكم السادات
والصهاينة برعاية أصحاب المشروع الصهيوني؛ الولايات المتحدة التي حلت مكان بريطانيا في زعامة الغرب الاستعماري وتبنيها
التام لأهداف هذا المشروع والتزامها بدوره ووظيفته في الاقليم والعالم.
اقرأ أيضا:
شهداء وجرحى بإطلاق الاحتلال مئات القذائف والصواريخ على غزة
نلاحظ أن المشروع هذا ديناميكي متطور المضمون والأهداف ويتبع تكتيكات متنوعة حسب ما تمليه الأوضاع والمتغيرات فإلى
جانب استعمال القوة العدوانية يحرص على توسيع نفوذه في البلاد العربية بمختلف السبل باستقلالية نسبية بعلاقاته مع المركز
الاستعماري الاول، إلا انه لا يخرج عن الطاعة لمصالحه.
يكشف المراقب ان المرحلة الحالية من نمو وتطور المشروع في ظل مقاومة الشعب الفلسطيني ورفض الشعوب العربية التام
للعلاقة بين ببعض الأنظمة والكيان واعتباره العدو الرئيسي للشعوب، تطابق سياسة الولايات المتحدة مهما تغير إدارتها والكيان.
في هذه المرحلة آن الأوان لنقلة نوعية جديدة كتلك عام 1977 في دوره المناط به، في ظل الصراع الدولي الذي يشكل خطرا على
دور أمريكا القوة المهيمنة دوليا وتوقع انتقال العالم الى متعدد الأقطاب، لتضع المنطقة العربية وشعوبها تحت سيطرة الوكيل
الإقليمي وخضوعها سياسيا واقتصاديا وثقافيا له، لتكون بلادنا جزءا مضمونا استراتيجيا في حشد القوى والمقدرات العربية في
الصراع الدولي من أجل استمرار الهيمنة الغربية.
سايكس بيكو جديد
تداعيات هذه المرحلة تتضمن ما يشبه سايكس بيكو جديد بمزيد من التفتيت المقونن وتقسيم نفوذ جديد في الاقليم بزعامة كيان
المستوطنين وتصفية للقضية الفلسطينية وترانسفير آخر لشعب فلسطين وتوسع على حساب الاردن وباقي المنطقة ومزيد من
الاضعاف لمصر وحرب جديدة في سوريا وتعميق النفوذ الصهيوني في الخليج والشمال الافريقي،… وتقديري ان عنوان ذلك،
التغيير والانتقال إلى مزيد من التطرف في كيان الاحتلال الاستيطاني في تبدلات الوظائف المناطة به، فكما انتهى حكم حزب
العمل ينتهي أيضا بعد فترة حكم الليكود وينتقل إلى القوى الصهيونية المتطرفة، برعاية وإدارة أمريكية مدبرة، مهما كانت
التصريحات المنافقة المكشوفة عن معارضتهم لبنغفير وأمثاله.