الطليعة نيوز
يبدو احتمال التوصّل إلى صفقة بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس يتيح تبادلاً للأسرى ووقفاً لإطلاق النار في قطاع غزة أقرب من أي وقت مضى وفق الكثير من المؤشرات والتصريحات. وفي حين عرقل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وائتلافه الحكومي التوصّل إلى صفقة أكثر من مرة، تبدو الأمور مختلفة هذه المرة، وسط ازدياد التفاؤل، ليس بسبب تغيير الحكومة المتطرفة مواقفها، ولكن بفضل ضغوطات مارسها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عليها، وفق ما أوردته تقارير إسرائيلية، اليوم الثلاثاء، بالإضافة إلى “هدايا” قدّمها لها، تضاف إلى ذلك حسابات إسرائيلية داخلية، ولا يقلل ذلك من جهود الوسطاء أيضاً، قطر ومصر.
ونقلت صحيفة يسرائيل هيوم العبرية، اليوم الثلاثاء، عن مسؤولين إسرائيليين كبار قولهم إن من أسباب الدفع نحو صفقة رغبة ترامب وتوقّعه من نتنياهو التوصّل الى صفقة قبل تنصيبه في 20 يناير/ كانون الثاني الجاري، أي بعد أقل من أسبوع. ورغم تأكيد المسؤولين أن الحديث يدور عن المقترح نفسه تقريباً الذي وافق عليه نتنياهو في مايو/ أيار الماضي، وتبناه الرئيس الأميركي جو بايدن لاحقاً، زعموا أنّ حماس هي التي رفضته في السابق بسبب تمسّكها بإنهاء الحرب، فيما القرار بشأن العودة إلى الحرب سيكون بيد إسرائيل وحدها، كاشفين عن تفاهمات مع إدارة ترامب بتلقي إسرائيل دعماً كبيراً من الولايات المتحدة بشكل عام، بما في ذلك بشأن الحرب. مع هذا، أشارت تقارير إسرائيلية أخرى، منها في القناة 12، إلى صعوبة العودة إلى الحرب عقب عودة سكان قطاع غزة إلى الشمال، وهو الأمر الذي قد تضمنه الصفقة التي تتم بلورتها.
تهديدات ترامب وحكومة الاحتلال
وكتبت صحيفة معاريف، اليوم الثلاثاء، أنه إذا لم يحدث خلل في اللحظة الأخيرة، فإن مقترح الصفقة الذي من المفترض أن تتوصل إليه إسرائيل وحماس “هو نتيجة التهديدات الصريحة من الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، وكذلك العلامات الواضحة والصريحة على اقتراب نهاية الحرب بشكلها الحالي”.
وأوضح الكاتب والصحافي بن كسبيت في الصحيفة ذاتها أنه “مع كل الاحترام للأيديولوجيا والمبادئ و(النصر المطلق) وكل هذه الشعارات (من قبل نتنياهو) التي لا يوجد وراءها شيء سوى الخوف من إيتمار بن غفير (وزير الأمن القومي)، كل هذا يذوب ويتلاشى في ثوانٍ عند مواجهة ترامب. نتنياهو قام بحساباته. سيتدبر الأمر مع بن غفير، لكن مع ترامب سيكون الأمر أصعب… خطته الحالية هي إنهاء الأمر في غزة والذهاب، بل حتى الجري، إلى اتفاق مع السعودية. ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب، أوضح لنتنياهو أن هذا ممكن، على الفور. وفقاً لهذه الخطة، بعد غزة والسعودية يمكن التوجه للانتخابات (في إسرائيل). يعتمد ذلك بالطبع على استطلاعات الرأي… نتنياهو يجري استطلاعات كل يوم تقريباً، كل يوم. ليس لنفسه، بل لبينت”، في إشارة إلى نفتالي بينت رئيس الحكومة الأسبق الذي تمنحه الاستطلاعات تقدماً على نتنياهو.
لذلك، وفقاً للصحيفة العبرية، “يتضح الآن أن ترامب يخيف أكثر من بن غفير وبتسلئيل سموتريتش (وزير المالية). ولهذا السبب بذل نتنياهو جهداً كبيراً أمس لشرح ذلك لهما. وجد انصاتاً من قبل سموتريتش، الرجل الذي يخطط لضم الضفة الغربية في عام 2025، وهذا لن يحدث بدون ترامب. لذا يمكن التضحية بغزة”.
“هدايا” ترامب
في المقابل، ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم الثلاثاء، نقلاً عن مصادر مطّلعة لم تسمها، قولها إنّ ترامب وعد نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر بأنه إذا وافقت اسرائيل على وقف إطلاق النار وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من القطاع، فإنه سيدعم إسرائيل إذا قررت العودة للقتال.
وتحدثت الصحيفة عن أنّ سموتريتش قد يحصل على حافز، على شكل تصاريح بناء في الضفة الغربية المحتلة، بشكل واسع النطاق، بموجب وعود قدّمها مسؤولون كبار في إدارة ترامب المقبلة. وفي “حقيبة الهدايا” التي يعرضها ترامب يمكن أيضاً العثور على إلغاء قوائم العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على مستوطنين وجهات يمينية متطرّفة، “والذين عانوا كثيراً من هذه الخطوة”، وفق تعبير الصحيفة، بعدما اقتنع بايدن بأن إسرائيل لا تنوي فرض القانون عليهم.
وهناك أيضاً مؤشرات إلى أن ترامب يعتزم شن حرب على المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وضد أوامر الاعتقال الصادرة بحق نتنياهو ووزير الأمن السابق يوآف غالانت، وضد خطوات أخرى ربما تكون قد اتخذت ضد مسؤولين إسرائيليين آخرين، وفق الصحيفة.
كيف سيُتخذ القرار في دولة الاحتلال وهل هناك أغلبية؟
من الناحية الإجرائية، في اللحظة التي يتم فيها الإعلان عن التوصّل إلى صفقة، سيتم عرضها على المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابنيت)، ومن ثم على الحكومة. بعد ذلك تنشر سكرتارية الحكومة تفاصيل الاتفاق بما فيه قائمة المحتجزين الذين سيتم إطلاق سراحهم، وتُمنح للجمهور مدة 48 ساعة لتقديم طعون للمحكمة العليا قبل تطبيق الصفقة.
وبحسب وسائل إعلام عبرية، منها “يديعوت أحرونوت”، توجد أغلبية داخل الحكومة لصالح التوصّل إلى صفقة. فليس متوقّعاً أن يضع أي من وزراء حزب الليكود عقبات أو يصوت ضد القرار، وبالتالي يشكّلون أغلبية للصفقة في جلسة الحكومة. إلى جانب وزراء الليكود، يخطط وزراء اليهود المتزمتين دينياً (الحريديم) للتصويت لصالح الصفقة أيضاً. ومن أعلنوا أنهم سيعارضون الصفقة هم وزراء الصهيونية الدينية برئاسة بتسلئيل سموتريتش و”عوتسما يهوديت” (القوة اليهودية) بزعامة إيتمار بن غفير. وقال مسؤولون في “القوة اليهودية”، أمس الاثنين، إنّ “كل السيناريوهات مطروحة على الطاولة”، ولم يستبعدوا الانسحاب من الحكومة بسبب الصفقة. من جانبه، لم يهدد سموتريتش بالانسحاب.
ومن حيث العدد، يدور الحديث عملياً عن دعم من قبل 17 وزيراً من الليكود، وستة من “شاس” (حريديم) واثنين من “يهدوت هتوراة” (حريديم)، واثنين من “اليمين الرسمي” هما جدعون ساعر وزئيف ألكين. في المقابل، من المتوقّع معارضة ما بين خمسة إلى ستة وزراء للصفقة، هم ثلاثة وزراء من “القوة اليهودية”، واثنان من وزراء “الصهيونية الدينية” هما سموتريتش وأوريت ستروك، فيما لم يحدد الوزير أوفير سوفير موقفه بعد، وفقاً للقناة 12 العبرية.
وأعربت أحزاب المعارضة “هناك مستقبل”، و”المعسكر الرسمي”، و”إسرائيل بيتنا”، و”الديمقراطيون”، و”القائمة الموحدة”، عن نيتها توفير شبكة أمان للحكومة، عند الحاجة، تمنع انهيارها، في سبيل إبرام صفقة وإعادة المحتجزين الإسرائيليين.
تهديدات ترامب وحكومة الاحتلال …. تهديدات ترامب وحكومة الاحتلال
العربي الجديد