الجليس المفقود

الجليس المفقود

يوسف غيشان

قرأت دراسة صغيرة تحت عنوان (كتب لن تقرأها)، اشتملت على بعض الكتب المفقودة عبر التاريخ، بفعل فاعل وهدف هادف،

بعضها أتلفها مؤلفوها وأخرى أتلفها آخرون لأسباب متنوعة. ومنها القصائد الأخيرة للشاعر الفرنسي آرثر رامبو، والجزء الأول من

كتاب (أعمدة الحكمة السبعة) للورنس العرب.

 

ومن هذه الكتب كتاب (الزمرد) لابن الراوندي، والروايات التي لم تنشر للكونت دي ساد، التي أحرقها ابنه بعد وفاة والده نظرا لما فيها من قسوة، حيث أن مصطلح «السادية» تم نحته من اسم هذا الروائي.

 

وبلا طوله السيرة، فقد استغل الروائي الإيطالي المشهور أمبرتو أيكو، استغل فكرة الجزء الثاني المفقود من كتاب الفيلسوف

اليوناني الكبير ارسطو، ليبني من الموضوع رواية مهمة، وهي «اسم الوردة» التي ترجمت الى العديد من اللغات، وحصلت على

جوائز عالمية كبرى.

 

يقال بأن القسم الثاني من كتاب الشعر لأرسطو يتحدث حول الكوميديا ودورها الكبير وقدرتها على النقد والتغيير، هذا ما أزعج

الكثير من الجهات خلال التاريخ، فكانت المؤامرة الكبرى، العابرة للعصور، من أجل إلغاء ما كتب ارسطو حول دور الكوميديا هذه،

حتى يستمر السائد والعادي، دون نقد ولا تغيير، وكان الدور الأكبر في الموضوع للكنيسة الأوروبية في العصور الوسطى، التي

كانت تنوي تكريس سلطة رجال الدين المزيفين الى الأبد.

 

وكما أننا لا نستطيع إخفاء الشمس بغربال، فإن إخفاء هذه الدراسة المهمة حول الكوميديا، لن تلغي الكوميديا أبدا. ولن تعرقل

وجودها …. وها هم الكوميديون والساخرون يتحالفون من أجل المساهمة في عملية تغيير العالم نحو الأفضل والأجمل والأكثر

عدلا، وهي معركة طويلة ومستمرة.

تصفح ايضا

عاجل