الجدل الصهيوني الاستعماري المبكر حول “المسألة العربية” في فلسطين…!

الجدل الصهيوني الاستعماري المبكر حول “المسألة العربية” في فلسطين…!

 

نواف الزرو

في حكاية “المعركة/ أو الحرب بين الحروب” التي أخذت تهيمن في الآونة الأخيرة على الخطاب الإعلامي/الحربي

العدواني الصهيوني وعلى مشهد العمليات

الحربية/العسكرية الصهيونية برمته، فإن هذه الاستراتيجية، أي المعركة أو الحرب بين الحروب، ليست اختراعًا صهيونيًا جديدًا أو حديثًا،

فإن كانت عمليات الاغتيالات ضد القيادات والعلماء التي تنفذ على امتداد مساحات واسعة، أو عمليات التفجيرات،

أو عمليات الاقتحامات والمداهمات الجارية على قدم وساق في كافة مدن وقرى ومخيمات فلسطين،

أو غيرها كلها تأتي في سياق ”المعركة/ أو الحرب بين الحروب”، فهذه الاغتيالات والعمليات والتفجيرات …الخ

لم تتوقف في يوم من الايام منذ ما قبل النكبة واغتصاب فلسطين، بل هي تأتي في سياق الاستراتيجية الصهيونية الراسخة

منذ بدايات المشروع الصهيوني وإقامة الكيان، والتي تتبناها المؤسسة الأمنية/العسكرية الصهيونية على مدار الساعة،

وهي “استراتيجية الحرب أولًا ودائمًا” أو “استراتيجية الحروب المفتوحة”.

الاستراتيجية

وفي هذه الاستراتيجية كان الجنرال موشيه ديان، أكد ذلك مبكرًا جدًا، حينما تطرق في خطاب ألقاه أمام دفعة من خريجي

كلية الأركان في الجيش الإسرائيلي عام 1968، للدكتور آرثر روبين، الذي أدار جهود الاستيطان اليهودي في فلسطين منذ عام 1920،

بعد عودته من الخارج التي استمرت سنوات عشرة بناء على قرار من السلطات العثمانية، معتبرًا إياه أحد الرواد الصهاينة

القلائل الذين سعوا إلى الإجابة عن “المسألة العربية” في فلسطين (تأسست حركة “بريت شالوم” “ميثاق سلام”

في منزل روبين في القدس في العام 1925).

وبحسب ديان، تطورت الإجابة عند روبين ومرت عبر مراحل، فبعد أن أمل في العام 1923 بدمج المهاجرين اليهود

في نسيج المشرق العربي، اقترح في العام 1925، تحت ضغط اعترافه بالاختلافات بين المهاجرين اليهود الأوروبيين

و”أبناء عمومتهم” من السكان الأصليين، إنشاء “دولة ثنائية القومية” في فلسطين؛ وبحلول عام 1936،

وبعد اندلاع الثورة العربية في فلسطين ضد الهجرة اليهودية والاحتلال البريطاني، خلص روبين إلى أن “قدرنا أن نكون في حالة حرب مستمرة مع العرب:

“( Moshe Dayan, A Soldier Reflects on Peace Hopes address to graduating class at Army’s Staff and Command College,

in Irene L. Gendzier, editor, A Middle East Reader (New York: Pegasus, 1969), pp. 407-417).

ديان

وذكّر ديان الجيل الجديد من الضباط في إسرائيل بأنهم ورثوا هذا المصير، وأن الحرب المستمرة هي الشرط الضروري

لوجود الدولة التي ساعد روبين في إنشائها، وحارب ديان نفسه لتوسيعها، وقبيل إعلان تأسيس “إسرائيل”،

صرّح يهودا ماغنيس أنه إن لم يكن مؤيدًا للدولة اليهودية، فذلك لأنه لا يريد الحرب مع العالم العربي،

وأدرك كل من روبين وماغنيس أن المغامرة الصهيونية السياسية ستؤدي الى الحرب، وفيما اختار روبين الدولة وقبِل الحرب،

لم يقبل ماغنيس الحرب ورفض الدولة

( Charles Glass, Jews Against Zion : Israeli Jewish Anti-Zionism, Journal of Palestine Studies, Vol.5 No. 1- 1976, p.57).

واستتباعًا، تبنت المؤسسة الصهيونية وكل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على مدى أكثر من أربعة وسبعين عامًا

نظرية روبين وديان في الحروب المفتوحة ضد الفلسطينيين والعرب، وفي مقدمتها ما أطلقوا عليه “الحرب/ أو المعركة بين الحروب”،

ولذلك نوثق أن  كل سنوات المفاوضات التسعة والعشرين كانت هدرًا ومضيعة للزمن والأرض والحقوق، وتفويتًا لفرص

وخيارات أفضل وأقوى في المواجهة مع مشروع الاحتلال والتهويد الصهيوني، وكل سنوات المفاوضات القادمة-المحتملة

وقد لا تأتي- ستكون كذلك، بل ستعزز الهدر والضياع وفقدان البوصلة، ذلك أن حكاية السلام ليست واردة في الحسابات الصهيونية،

وإن كانت واردة فهي حسب المقاسات والمعايير والمفاهيم الصهيونية، التي تعني في الجوهر إلغاء الآخر وحقوقه ومقومات وجودة،

إذ “لا تتسع البلاد إلا لدولة واحدة -من وجهة نظرهم-هي دولة اليهود”.

الدولة الصهيونية

لذلك أيضًا تنشغل الدولة الصهيونية بقضاياها الاستراتيجية، إن على مستوى الاستيطان والتهويد واختطاف الأرض والتاريخ،

وإن على مستوى الجبهات الأخرى ضد الشعب الفلسطيني، في الوقت الذي تنشغل فيه بحسابات البقاء والحروب المفتوحة

مع الخارج العربي أو مع مصادر التهديد العربي-أينما وجد- فهل يستخلص الفلسطينيون والعرب العروبيون، العبر

والدروس الاستراتيجية قبل فوات الأوان…؟!

 

تصفح ايضا

عاجل