” هدية هبطت من السماء !!!!! ” 

” هدية هبطت من السماء !!!!! ” 

 

مهند أبو فلاح 

 

تفجير شارع الاستقلال في ساحة تقسيم في قلب مدينة اسطنبول التركية الذي حدث يوم ١٣ تشرين الثاني / نوفمبر الحالي

جاء بمثابة هدية هبطت من السماء لحكومة حزب العدالة و التنمية بزعامة السيد رجب طيب أردوغان

و الذي يواجه حاليا تراجع مكانته السياسية بعد خسارته مدن رئيسية كاسطنبول نفسها في الانتخابات البلدية التي أجريت مؤخرا ،

كما يواجه مشكلة تراجع النمو الاقتصادي في البلاد .

 

لقد تجاوز معدّل التضخم في تركيا حاجز 80 % وهو مستوى قياسي يسجل لأول مرة منذ عام 1998 ،

ويعزى الارتفاع الحاد في الأسعار إلى حدّ كبير إلى انهيار الليرة التركية، التي فقدت 55 % من قيمتها في عام واحد،

و ينحي كثير من الخبراء الاقتصاديين باللائمة في ذلك على سياسة أردوغان النقدية .

تدهور الاوضاع الاقتصادية في تركيا

إن تدهور الاوضاع الاقتصادية في تركيا انعكس سلبا على شعبية حكومة حزب العدالة و التنمية في

وقت بدأ فيه العد العكسي التنازلي للانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية القادمة،

وهي الثانية منذ انتقال البلاد إلى النظام الرئاسي، و المقرر اجراؤها في ١٨ حزيران / يونيو المقبل ( ٢٠٢٣ )

و على ضوء ذلك كان من الطبيعي أن يبادر حكام أنقرة إلى تصدير أزمتهم الداخلية و الهروب إلى الأمام

و توجيه أصابع الاتهام إلى حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا بالوقوف وراء انفجار اسطنبول .

عملية عسكرية جوية

بادرت السلطات التركية على الفور الى اطلاق عملية عسكرية جوية جديدة في ٢٠ تشرين ثاني / نوفمبر ٢٠٢٢  سمتها عملية ” مخلب السيف ”

في شمال سورية و قد بدأت العمليّة من خلالِ سلسلةٍ من الغارات الجوية التي استهدفت مواقع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)

وبعض المواقع الأخرى المشتركة بين الأخيرة و القوات المسلحة السورية وخاصّة في مناطق حلب و‌الرقة و‌ الحسكة ،

و طالت هذه العمليّة مواقع تتبعُ لحزب العمال الكردستاني  في شمال العراق أيضا،

وقد بدأت الضربات الجويّة في أعقاب تفجير اسطنبول الذي خلَّف 6 قتلى وعشرات الجرحى والذي اتهمت فيه الحكومة التركيّة

من تصفهم بـ «الانفصاليين الأكراد» بالوقوفِ خلف الهجوم ، رغمَ نفي كل من حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية أيّ علاقة لها بالتفجير .

التفجير الإرهابي في اسطنبول

استثمار السلطات التركية الموقف الناتج عن التفجير الإرهابي في اسطنبول لصالحها لا يبدو أنه جاء بمحض المصادفة

فمنذ بضعة أشهر و اللقاءات تجري على أعلى المستويات بين أجهزة الاستخبارات التركية و السورية بوساطة روسية لحل مجموعة من الملفات العالقة بين الطرفين ،

في وقت يواجه فيه إردوغان انتخابات محتدمة العام المقبل، يتمثل إحدى أبرز ملفاتها الساخنة في ايجاد طريقة لإعادة بعض من اللاجئين السوريين

في تركيا إلى بلادهم حيث وصل عددهم  هناك إلى ثلاثة ملايين و سبعمائة الف لاجيء .

 

السياسة مستنقع مليء بالقاذورات التي يتم استخدامها ببراغماتية و ميكافيلية منقطعة النظير بعيدا عن أية قيم أخلاقية سامية

و يبدو أن تفجير اسطنبول الأخير يندرج تحت هذا الإطار المجرد من الانسانية و المبني على تلاقي المصالح

و توظيف الأحداث لإعادة صياغة و تكوين اتجاهات الرأي العام بما تمليه مصالح فئة من الانتهازيين و الوصوليين .

 

تصفح ايضا

عاجل