لماذا إيرلندا الأكثر تأييدًا للفلسطينيين بأوروبا؟

لماذا إيرلندا الأكثر تأييدًا للفلسطينيين بأوروبا؟

 

لماذا إيرلندا الأكثر تأييدًا للفلسطينيين بأوروبا؟

 

الطليعة نيوز 

الدمار في القطاع المحاصر

مع تفاقم العدوان ضدّ قطاع غزّة، وتواصل الضربات الإسرائيلية، وجهت دول أوروبية وغربية سهام انتقاداتها لإسرائيل، في مواقف تغيّرت بفعل استمرار

الأزمة، والدمار في القطاع المحاصر.

 

وبينما تباينت الدول الأوروبية في مواقفها من حكومة إسرائيل، كانت إيرلندا الدولة الأكثر تأييدًا للفلسطينيين في أوروبا، فأعلنت أنّها تعتزم التدخل في قضية

الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضدّ إسرائيل، في انعكاس لموقف البلاد الطويل الأمد من التضامن مع القضية الفلسطينية.

 

وقد رفعت جنوب أفريقيا القضية إلى محكمة العدل الدولية، وفي حكمٍ أوليٍّ في كانون الثاني (يناير)، أمرت المحكمة إسرائيل بـ “اتخاذ جميع التدابير التي

في وسعها لمنع أعمال الإبادة الجماعية في غزة”، لكنّها لم تصل إلى حدّ اتهامها بارتكاب إبادة جماعية.

اقرأ المزيد:

المشاركون في حصار السفارة الاسرائيلية يرفضون محاولات الشيطنة.. ويدعمون المقاومة

ووفقًا للتقارير، من المتوقع أنْ تدرج إيرلندا في مداخلتها الحجة القائلة بأنّ منع إسرائيل المساعدات الغذائية لغزة يمكن اعتباره عملاً من أعمال الإبادة

الجماعية.

 

علاوةً على ذلك، قررت الوكالة الوطنيّة لإدارة الخزانة الإيرلنديّة، أوّل من أمس الجمعة، سحب استثمارات صندوق الاستثمار الإستراتيجيّ الإيرلنديّ من

الشركات الإسرائيليّة، وبحسب صحيفة (ذي ماركر) العبريّة، فإنّ سحب الاستثمارات الحكوميّة الإيرلنديّة تشمل كُبرى البنوك في دولة الاحتلال: بنك

هبوعليم، بنك لئومي، بنك مزراحي تفاحوت، بالإضافة إلى متاجر رجل الأعمال الإسرائيليّ رامي ليفي.

صندوق الاستثمار الإستراتيجيّ الإيرلنديّ

جديرٌ بالذكر في هذه العُجالة أنّ صندوق الاستثمار الإستراتيجيّ الإيرلنديّ ليس أوّل صندوق سياديّ أوروبيّ يسحب استثماراته من الشركات الإسرائيليّة

بسبب الأنشطة الاستيطانيّة في الضفة الغربيّة وممارسات الاحتلال. بل قام صندوق الثروة النرويجيّ البالغ حجمه 1.6 تريليون دولار، وهو الأكبر في

العالم، بسحب استثماراته من تسع شركات إسرائيلية في السنوات الأخيرة بسبب ممارستها كقائمة بالاحتلال في الأراضي الفلسطينية.

 

في السياق، رأى عضو البرمان الإيرلنديّ ريتشارد بويت باريت أنّ إسرائيل “أصبحت خارجة عن السيطرة بشكل كامل”، وأنّ السؤال الأهم حاليا هو “هل

الرعاة الغربيون الذين يواصلون تسليحها رغم هذه الإبادة سيتصرفون لوقف هذه أعمال القتل التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزّة؟”.

 

وتابع في حديثٍ أدلى به لفضائيّة (الجزيرة) أنّ “إسرائيل تجاوزت كلّ القيّم الإنسانيّة والحضاريّة، وهذا يذكرنا بكثير من الانتهاكات التي ارتكبها النازيون”،

لافتًا إلى أنّ الإسرائيليين “سيواصلون جرائمهم الفظيعة بحقّ الفلسطينيين طالما أنّ أمريكا وغيرها يواصلون تسليحها”.

 

وعن انضمام أيرلندا إلى القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضدّ إسرائيل في محكمة العدل الدولية، وصف باريت ذلك بالخطوة المتأخرة كثيرًا “لأنّ البرلمان

الأيرلنديّ طالب برفع قضية من جانب أيرلندا في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، لكن الحكومة رفضت آنذاك”.

الأيرلنديين  تعرضوا لإبادة مشابهة

ومع ذلك، قال باريت إنّه من الجيّد أنْ خضعت الحكومة للضغط الشعبي أخيرًا، مؤكّدًا أنّ هذه الخطوة “لها أهمية في ذاكرة الأيرلنديين الذين تعرضوا لإبادة

مشابهة عندما قتل الكثير منهم في الماضي (على يد بريطانيا)”.

اقرأ المزيد:

الاحتلال يعتقل طفلا على حاجز عسكري ويقتحم قريتي جلبون وفقوعة

وأضاف “المهم هو أنّ الحكومة تقول إنّ إسرائيل أثبتت أنّها ترتكب إبادة مقصودة من خلال القتل والتدمير والتجويع، لكن الأهّم هو أنْ تنضم حكومات

أخرى إلى القضية وتوقع عقوبات على إسرائيل وتوقف تزويدها بالأسلحة حتى تتوقف عن هذه الإبادة”، على حدّ تعبيره.

 

لماذا إيرلندا الأكثر تأييدًا للفلسطينيين بأوروبا؟

 

تقول شبكة (CNN) الأمريكيّة، في تقريرٍ لها، إنّ موقف إيرلندا من الصراع بين إسرائيل وحماس جعلها حالة استثنائية بين الحكومات الأوروبية.

 

وقالت زوي لولور، التي تقود حملة التضامن الإيرلندية مع فلسطين إنّ هناك “تعاطفًا عميقًا في إيرلندا مع الشعب الفلسطينيّ”.

 

وينشأ هذا التضامن إلى حدٍّ كبيرٍ من تجربة القهر المشتركة من قبل دولةٍ محتلةٍ، فالدولة الأوروبية خضعت للحكم الإنجليزي ثم البريطاني لأكثر من 800

عام، بعد أنْ استولى الغزاة الأنجلو نورمان على مساحات شاسعة من الأراضي من الإيرلنديين الأصليين في القرن الثاني عشر.

 

وأضافت: “لكن، مثل فلسطين، كانت لدى (إيرلندا) تجربة مباشرة ومستمرة مع الإمبريالية. إنّ التجربة الاستعمارية المشتركة بين الإيرلنديين والفلسطينيين

شكلت بلا شك كيفية تعامل الناس من أيرلندا مع صراعاتٍ ما بعد الاستعمار”.

مجاعة البطاطس الكبرى

وأثناء وجودها تحت السيطرة البريطانيّة، تعرضت إيرلندا في كثير من الأحيان لحكم عنيف وتمييزي من لندن، بحسب (CNN) التي أشارت إلى “مجاعة

البطاطس الكبرى” في أربعينيات القرن التاسع عشر، والتي توفي خلالها ما يقرب من مليون شخص، إضافة إلى إجبار أكثر من مليون شخص على الهجرة،

بسبب الجوع، بعد فشل محصول البطاطس بشكل متكرر.

 

وقد ألمح ليو فارادكار، الذي استقال مؤخرًا من منصب رئيس وزراء إيرلندا، إلى ذلك خلال احتفالات عيد القديس باتريك في البيت الأبيض الشهر

الماضي، عندما عقد مقارنة بين التجربتيْن الإيرلنديّة والفلسطينيّة، قائلاً: “كثيرًا ما يسألني القادة عن سبب تعاطف الإيرلنديين مع الشعب الفلسطيني. الجواب

بسيط: نحن نرى تاريخنا في عيونهم. قصة نزوح، وسلب، وتساؤل حول الهوية الوطنية أو إنكارها، والهجرة القسرية، والتمييز، والآن الجوع”، على حدّ

تعبيره.

 

تصفح ايضا

عاجل