طلعت شناعة
يقولون ان الواحد منا اذا ما بلغ الاربعين عاما فأكثر ، فإنه يميل في طعامه إلى( حب التغميس ). اي يتناول طعامه باليد وليس بالشوكة والسكين.
ولهذا أفضل تناول الخضار مثل ( طبيخ/ الفاصوليا ) و ( البامية ) ويا سلام على ( الزهرة بالطحينة ) او (صينية البطاطا ) و ( مسقعة الباذنجان ) الخ الخ.
اضطرتني الظروف لتناول الغداء في مطعم ( شعبي) بوسط البلد ممن يقدم ( الطبيخ ) باسعار تناسب (جيبي).
( داهمني) شخص ادعى أنه يعرفني من أيام المدرسة وجعلني ( اندم) على اختيار المطعم… تحدث في كل المواضيع المزعجة وشتم كثيرين وجعلني اكره الحياة كلها .. وهو ما ينطبق بعلم السياسة ( التغميس خارج الصحن ).
ومع آخر لقمة بلعتها.. تناولت ورقة واخذت اكتب :
من السهل ان « تُهاجم « الآخرين. و « تقل أدبك « عليهم. و» تخترع» حكايات ضدهم وتتفنن في سرد « ذكريات وهمية»، و تدّعي» بطولات» و « حروب» لم تخضها.
من السهل أن « تُخطىء» بحق الناس وتعمل من سيرتهم « عِجّة». وتكسّر صفاتهم وتحول حسناتهم الى سيئات، لمجرد أنك « مقهور» منهم.
من السهل أن تتحول الى « شتّام» و « لعّان»، وتخرج من فمك « قاموس الشتائم»، وتجعل الابيض أسود والأسود أبيض والبطيخ ليمون وتوحي للناس بأنك « ضحية « وأحيانا أنك « زاهد « و « متعفّف»، بينما تتحرك شفاهك ولسانك مثل « ثعلب» وهو يرنو الى قطوف العنب العالية.
من السهل ان تُلقي بحجارتك على الأشجار الباسقة، ظنّا منك أنك تنتصر عليها ، وأنك في الطريق الى تحقيق « نجاحات»، وأنت تدرك قبل غيرك ، أنك مسكون بالفراغ والوهم و « قلة الحيلة» و « العجز» .
وتارة، تجد نفسك غارقا في « الانانية»، فتسبَح في سماء مليئة بالحجارة ، متخيلا أنك تحتك ماء وفوقك ماء.
من السهل ان تتخندق في « كراهيتك» و» تسجن « روحك في « البغضاء»، لكونك لم تُجد صيد الأسماك. فتلعن البحر وتُحمّل الحوت مسؤولية كسلك وفشلك.
من السهل ان تغوص في « الوحل»، ظانا أنك تسبح في بحر العسل. فأنت وحدك فقط من يدرك الفرق بين « طعم الوحل» و « مذاق العسل».
لكن، من الصعب ان تغادر مناطق « غرورك»، فقط استوطن « الشيطان « قلبك، ومددت يدك في جحور الثعابين بحثا عن العصافير. وها أنت تعود الى ذاتك ،نازفا بالخطايا والحماقات وانت تكتب فصلا من دفتر « الغيرة»… في يوم .. في شهر .. في سنة.
حزب «التغميس» ،حزب «التغميس»