الاقتصاد العالمي على موعد مع أزمات جديدة في 2023.. ما أبرزها؟

الاقتصاد العالمي على موعد مع أزمات جديدة في 2023.. ما أبرزها؟

 

رشا عمار / صحفية مصرية

 

رصدت عدة تقارير حديثة توقعات متفاوتة بشأن الاقتصاد العالمي في العام 2023، بعد أسوأ أزمة شهدتها الأسواق

والأسهم العالمية خلال عام 2022،

تأثراً بتداعيات جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية، ففي حين توقع خبراء تحسناً تدريجياً في الأوضاع الاقتصادية

على المستوى العالمي وتعافي سوق الأسهم، لا يرجح آخرون أن يحدث تغير إيجابي، خاصة مع استمرار

تنامي معدلات الركود والتضخم لنسب غير مسبوقة، ممّا يهدد بتفاقم الأزمة على حدّ تقديرهم.

وفي أحدث تقرير لها، رصدت صحيفة “بلومبيرغ”، الأربعاء 28 كانون الأول (ديسمبر) الماضي،

(5) عوامل قد تؤثر سلباً على مستقبل الاقتصاد العالمي خلال العام المقبل.

تباطؤ النمو

يتوقع سكوت جونسون، الخبير الاقتصادي لدى بلومبيرغ إيكونوميكس، أنّ الاقتصاد العالمي سينمو بنسبة (2.4%) في عام 2023،

ممّا يمثل تباطؤاً من النمو المتوقع بنسبة (3.2%) لهذا العام، مسجلاً أبطأ نمو منذ 1993، باستثناء أعوام الأزمة 2009 و2020.

ويُظهر تحليله أيضاً دخول الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود في نهاية عام 2023، وبالنسبة إلى منطقة اليورو،

من المتوقع حدوث ركود في بداية العام.

وقال جونسون: إنّه “في الولايات المتحدة، مع مكاسب الأجور التي من المقرر أن تبقي التضخم فوق الهدف،

نعتقد أنّ بنك الاحتياطي الفيدرالي يتجه نحو معدل فائدة نهائي قدره 5%، وسيبقى هناك حتى الربع الأول من 24”.

وفي الوقت نفسه، في منطقة اليورو، فإنّ الانخفاض السريع في التضخم سيعني انخفاض معدل الفائدة النهائي

وإمكانية إجراء تخفيضات في نهاية عام 2023.

توحش معدلات التضخم

بحسب ماثيو ماكلينان، المسؤول في شركة “فيرست إيجل” لإدارة الاستثمارات، من المتوقع أن تشهد سوق السندات

ارتفاع التضخم بشدة خلال (12) شهراً، مع زيادة الأسعار وارتفاع تكاليف الطاقة.

واستبعد ماكلينان خفض البنوك المركزية أسعار الفائدة، وهو الأمر الذي يتوقع بعض الخبراء الاقتصاديين حدوثه في منتصف العام المقبل.

تعثر الصين

بالرغم من محاولات بكين كسر عزلتها التي فرضتها جائحة كورونا منذ عام 2020، وتحقيق معدلات نمو اقتصادي لتفادي أزمة محتملة،

إلا أنّ تقرير خبراء “بلومبيرغ” يتوقع تعثر الصين اقتصادياً بشكل كبير العام المقبل، وسط

ما تواجهه من إرهاق في النظام الصحي بها مع تصاعد إصابات ووفيات كورونا.

وتسببت المستشفيات المزدحمة وطوابير الانتظار في قاعات الجنازات بالصين في إثارة القلق في الأسابيع الأخيرة،

وفي انهيار النشاط الاقتصادي، ويخشى الكثير من الأشخاص النزول والعودة إلى نشاطهم وأعمالهم وسط استمرار تفشي الوباء،

وفق “الشرق الأوسط”.

تداعيات جديدة للأزمة الأوكرانية

قال جون فيل، كبير استراتيجيي السوق العالمية في شركة “نيكو إيست”: “إذا ساءت الحرب وأصبح الناتو أكثر انخراطاً بشكل مباشر فيها،

واشتدت العقوبات المفروضة على روسيا وحلفائها، فسيكون لذلك نتائج سلبية للغاية”.

وتابع: “ستؤدي العقوبات الثانوية ضد الشركاء التجاريين الروس، ولا سيّما الهند والصين، إلى تضخيم حجم المخاطر المحيطة بالاقتصاد العالمي”.

تراجع الأسواق الناشئة

يتوقع الكثير من المستثمرين تراجع قوة الدولار وتكاليف الطاقة في عام 2023، وهما عاملان من شأنهما أن يخففا الضغط عن الأسواق الناشئة.

لكنّ أيّ فشل في كبح جماح التضخم من شأنه أن يُفسد هذه النتيجة لأسواق العملات، في حين

أنّ اشتداد الحرب في أوكرانيا هو واحد من الكثير من المخاطر التي قد تدفع أسعار الطاقة للارتفاع الصاروخي مرة أخرى.

ماذا عن الشرق الأوسط؟

تتفاوت التقديرات بشأن اقتصاديات الشرق الأوسط، ففي حين تتجه الدول المُصدرة للنفط لتدشين اقتصاد أكثر قوة في ضوء الأزمة العالمية الراهنة،

تتأثر معظم دول الشرق الأوسط بارتفاع معدلات التضخم العالمي، بما فيها الدول ذات الاقتصاد القوي.

وكان تقرير آخر لصندوق النقد الدولي، صدر في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، قد رصد نمو الناتج المحلي الإجمالي لدول المنطقة

بنسبة 5% في عام 2022.

وقال صندوق النقد الدولي، وفق “العربية”: إنّ اقتصادات دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كانت مرنة في 2022، لكن من المتوقع

أن يبطئ التضخم المكوّن من رقمين النمو في عام 2023، لتصل معدلات النمو إلى (3.6%).

بالنسبة إلى الدول المصدرة للنفط، كان من المتوقع أن يبلغ النمو (5.2%) ويرجع ذلك أساساً

إلى ارتفاع أسعار النفط والنمو القوي للناتج المحلي الإجمالي، ممّا عوّض تأثير ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

ومن المتوقع أن يبلغ معدل النمو في منطقة الشرق الأوسط (3.6%) في عام 2023،

بسبب تدهور الأوضاع العالمية مثل تداعيات الحرب في أوكرانيا على أسعار السلع الأساسية وتباطؤ الاقتصاد العالمي.

بالنسبة إلى مصدري النفط، من المرجح أن يتباطأ النمو إلى (3.5%) مع ضعف أسعار النفط وتباطؤ الطلب العالمي وانخفاض إنتاج أوبك.

سيناريوهات خارطة الاقتصاد العالمي 2023

يرى المحلل الاقتصادي البارز، الزميل غير المقيم في مركز الطاقة العالمي التابع للمجلس الأطلسي، بول سوليفان،

أنّ عام 2023 سيكون به الكثير من الشكوك حول الاقتصاد العالمي، بما يرتبط بذلك من الحرب في أوكرانيا،

والضغوط الاجتماعية في العديد من الدول، والافتقار إلى قيادة اقتصادية حقيقية، والاضطراب الناجم عن التغييرات بين الشرق والغرب.

ويتوقع سوليفان، بحسب حديثه لشبكة “سكاي نيوز”، أن يجري تفكيك العديد من أدوات التجارة والاستثمارات وسلاسل التوريد

التي كانت مهمة في السابق وتغييرها،

وعلى سبيل المثال “الرقائق”، إذ تحاول الولايات المتحدة فصل سلاسل التوريد الخاصة بها عن الصين، في الوقت الذي

يحاول فيه الاتحاد الأوروبي فكّ ارتباطه في مجال الطاقة بروسيا.

ويتوقع أيضاً أن يستمر الدين العالمي في النمو، وستتجاوز بعض الديون الوطنية بعض نقاط الخطر،

كما حدث في سريلانكا وأماكن أخرى، وأيضاً يستمر التضخم في العديد من الأماكن، رغم نجاح جهود البنوك المركزية الرئيسية

بعدد من الدول للسيطرة على التضخم جزئياً، لكنّ بعض هذه السياسات تجعل الحياة صعبة للغاية بالنسبة

إلى بعض البلدان الأصغر التي ترتبط اقتصاداتها بالاقتصادات الأكبر.

ووفق سوليفان، سينمو التفاوت في الدخل والثروة في عام 2023، وسيؤدي هذا إلى زيادة الضغوط الاجتماعية وغيرها في العديد من البلدان،

وستزداد أهمية الاقتصاد في التغيرات السياسية والضغوط السياسية في عام 2023.

عدم اليقين في أسواق النفط والغاز

ويرجح الخبير الاقتصادي أن يستمر عدم اليقين في أسواق النفط والغاز، خاصة بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي واليابان والصين وكوريا الجنوبية

والمستوردين الجدد الرئيسيين الآخرين، بالإضافة إلى العديد من البلدان المستوردة الأكثر

فقراً التي تتعرض لصدمات اقتصادية في كل مرة تتحول فيها أسواق الطاقة بقوة.

ويتوقع أن تستمر الاضطرابات بأسواق الأسهم نظراً لاستمرار حالة عدم اليقين العالمية والمحلية التي يمكن أن تؤثر عليها.

ويقول سوليفان: “قد نشهد المزيد من حالات التخلف عن سداد القروض في البلدان الفقيرة،

ويبدو أنّنا أمام طلبات قروض متزايدة من البلدان الفقيرة إلى صندوق النقد الدولي، وهو الملاذ الأخير لهم”.

ويضيف: “ستشهد البلدان الأكثر فقراً والمعرّضة للتضخم انخفاضاً أكبر في الأجور والمداخيل الحقيقية لشعوبها،

وسيُنظر إلى برامج التحفيز الضخمة والبرامج الأخرى الهادفة إلى تحقيق الاستقرار في بعض أكبر الاقتصادات

على أنّها أكثر تكلفة ممّا هو مقدّم”.

 حفريات

تصفح ايضا

عاجل